إكسير الحياة - محمد عزيز الحبابي

إكسير الحياة - محمد عزيز الحبابي
عندما تتحول الحياة إلى صراع من أجل البقاء والخلود ...وعندما يتحول البشر إلى وحوش تتقاتل من أجل أن تعيش الخلد! عندها تنقلب كل الموازين وتتغير كل القيم والمفاهيم
قد نقول إنه موت من أجل الحياة الخالدة في الدنيا..!
هذا ما تناوله الدكتور محمد عزيز الحبابي في روايته إكسير الحياة، فصنع نسيجا قصصيا رائعا يمرر عبره فكره الفلسفي العميق المتغلغل في دراسة النفس البشرية وما يتفاعل فيها من غرائز وطباع إزاء الوقائع والأحداث.
فكرة الرواية تتمحور حول مشكلة البقاء والفناء...

لقد أبحر الكاتب بخياله فرسم صورة لما سيحدث في الواقع وفي المجتمع إن ثم اكتشاف إكسير الخلود الذي يهب للبشرية البقاء والديمومة دون الاكتراث للموت! ووضح كيف يكون حض الفقراء من الاكتشاف وكيف يكون حض الأغنياء منه، وكيف سينتشر في المجتمع قانون الطبقية.
اتخذ الكاتب من الشخصيات والأحداث أداة لتمرير الأفكار والتأملات كما أدى ذلك إلى تحليل الطابع البشري وتشريح المجتمع الإنساني انطلاقا من موقفه من قضية الموت والحياة.

الشخصية المحورية التي تدور حولها الرواية هي شخصية حميد، وهو طالب بكلية الطب السنة الرابعة، ابن السيد إدريس نجار بسيط في حي شعبي بمدينة الرباط.
تبتدئ أحداث الرواية عندما قرأ السيد إدريس خبر اكتشاف إكسير الخلود في الجرائد فأنكر ذلك ولم يصدق حتى رأى أن المدينة كلها تضج بالخبر، فتغيرت مجريات الأمور بحيث صار الكل يطالب بهذا الإكسير، ويتقاتلون من أجل الحصول عليه، (كل يقول نفسي نفسي وبعدها الطوفان)، فتجند الكل لخدمة هذا الاكتشاف الجديد، الشرطة والحكومة حتى المتطوعين من المواطنين... لكن إدريس كان يرفض هذا الاكتشاف الجديد بدافع قناعته أنه إكسير الشؤم، فبمجرد التصريح به رسميا حلت المجاعة والمعارك بين الأنصار والمؤيدين...إدريس كان من معارضيه حيث يقول: (آه..! لقد كنا سعداء بحياتنا الفانية ألفنا الموت والفناء حتى حلت بنا هذه الكارثة العظمى.. أية حاجة لنا بالخلود؟) ص.43 أما ولده حميد فكان يرى أن هذا حدث تاريخي عظيم وأن العلم ليس مسؤولا عن هذه الفوضى وعن سوء استعمال الاختراعات والاكتشافات فالعلماء لم يأمروا بالتقاتل والفوضى (كل ما نعانيه هو نتيجة تخلفنا..) ص.43
ومع تسلسل الأحداث يجد حميد نفسه مضطرا إلى البحث عن أكل فيكتشف أن فكرة الإكسير سيطرت على كل العقول وأن الحكومة تحمي ذوي الجاه والنفوذ وهم ينعمون في نعيمهم فأيقن أنه لا حض للفقراء في عالم الخلود: (الخلود مع الفاقة الخالدة عذاب خالد) ص.83
مات حميد مقهورا من الجوع ومن السلطة ومن الظلم ومن عدم المساواة بين كل طبقات المجتمع، ومن الكره الذي خُلق في نفسه اتجاه فتاة من بنات الأعيان التي كان يتوهم أنه تبادله نفس حبه حين كان يساعدها في دراستها لنفس الشعبة التي يدرسها، ولكن تبين له في تلك المحنة أنها تحتقره وأن كل الابتسامات التي بادلته ما كانت إلا بسمات منافقة وضحكات صفراء لقضاء أغراضها.

ورغم وفاة حميد فلم يشأ الكاتب إنهاء الرواية بل خصص لذلك قسم ثاني أسماه مذكرات ما بعد الموت، عرض في هذا القسم مجموعة من أفكار وتأملات راودت حميد في حياته الأخرى بعد أن أدرك أن إكسير الخلود لا يضع للموت حدا، بحيث أن الذين يموتون من الحروب والقتل والأمراض الخبيثة لن ينفعهم هذا الاكتشاف.

وأعجب حميد بالعالم الملائكي حيث لا وجود للتقاتل ولا لمزاحمات و لا حسد ولا حروب... ومشكلة العندية والإمتلاك غير مطروحة هناك (هذا لي .. وهذا لك..) لأنها سبب الصراع وهي تُخضع البشر لها وتمتلكه وليس هو من يُخضعها ويمتلكها.
الرواية تحمل كثيرا من الأفكار والتأملات لا يسع المكان لإدراجها كلها،وأغلبها فلسفية تتناول علاقة الإنسان بالحياة والموت ذلك العالم المجهول الذي لا ندري عنه شيئا.
ومن يقرأ الكتاب سيكتشف أشياء أخرى عميقة جدا...


مساهمة من رشيد/ همسات الروح والخاطر

7 التعليقات:

Aniaz يقول...

جميل جدا كنت قد اطلعت على بعض صفحاته..
شكرا جزيلا جزيلا

عبير أكوام يقول...

السلام عليك أخي رشيد،
ملخص مركز منك،
هذه العبارة ((الخلود مع الفاقة الخالدة عذاب خالد)) لها أبعاد كثيرة رائعة،
سلمت

المورقة عبير !! يقول...

جميلة جداً هذه الرواية

والقصة التي دارت حولها إكسير الحياة الذي حاول اليونانيون في العصر القديم أكتشافه ..


ولكن وبدون جدوى ..

وهاهو الكاتب يجسد هذا الإكسير من جديد من خلال شخصيات أختلفت أرائها فهناك من آمن بهذا الإكسير وهناك من لم يصدق به وهم فئة قليلة ..


ولايكفي العلم وحده لنكتشف حقائق الأمور

فهاهو أدريس مجرد نجار لا يصدق ما قيل عن هذا الإكسير

بينما أبنه متعلم وفي مجال قريب جداً لهذا الأختراع إلا أنه صدق به وآمن بشيء أسمه إكسير الحياة ..

تحياتي

Unknown يقول...

أريد أخد الكتاب
كيف آخده أريد طريقة ما لأخده من فضلكم

غير معرف يقول...

ha ha ha mal5ito matkatbo

أستاذي يقول...

العجيب في الأمر أن الفكرة تتراود الكثير منا الأمازيغ نقول"""KON AZ NZAN MDEN LMOT RAYBçA GHIR ID BOLL FLOS"""ولكن الرجل بما أوتي من ثقافة استطاع ان يعبر عن الفكرة في نسيج فلسفي فهنيئا له وللمغاربة

أحمد سمير سعد يقول...

تحياتي لحضرتك وعرضك المميز
اسمي أحمد سمير سعد.. روائي ومترجم مصري والحقيقة أعمل على ترجمة كتاب بعنوان "الخيال العلمي العربي" ليان كامبل وقد ورد فيه اقتباس من الرواية لكنني للأسف لا استطيع العثور عليها لأنقله منها كما ورد في النص الأصلي، لأنه كما تعلم لا تجوز ترجمته.. فهل من الممكن أن تساعدني حضرتك في ذلك

إرسال تعليق

 
أمة اقرأ، تقرأ © 2010 | تعريب وتطوير : عرب بلوجر | Back to top